في مفاجأة من العيار الثقيل، أعلن الاتحاد البرازيلي لكرة القدم تعيين المدرب الإيطالي المخضرم كارلو أنشيلوتي مديرًا فنيًا للمنتخب الوطني، بداية من صيف 2025. هذا التعيين التاريخي يعني أن
أنشيلوتي مدرب منتخب البرازيل سيصبح أول مدرب أوروبي يتولى هذا المنصب منذ أكثر من ستة عقود وجاء القرار في إطار رؤية استراتيجية طموحة لإعادة “السيليساو” إلى القمة العالمية، بعد سنوات من الإخفاقات في البطولات الكبرى.
التأكيد الرسمي جاء على لسان إيدنالدو رودريغيز، رئيس الاتحاد البرازيلي، في مؤتمر صحفي عقد في ريو دي جانيرو، تزامنًا مع نشر بيان عبر الحساب الرسمي للاتحاد على منصة “إكس”.
وقد تضمن الإعلان تفاصيل عن توقيع العقد، وتوقيت بداية المهمة، ومهام أنشيلوتي خلال المرحلة القادمة، أبرزها قيادة المنتخب في تصفيات كأس العالم 2026، انطلاقًا من مواجهتي الإكوادور وباراغواي.
تفاصيل العقد وتاريخ بدء المهام
أفادت تقارير من موقع ESPN Brazil وصحيفة “ماركا” الإسبانية، أن العقد المبرم بين الاتحاد البرازيلي وأنشيلوتي يمتد حتى نهاية مونديال 2026، مع بند يتيح التمديد في حال تحقيق نتائج إيجابية.
وسيبدأ أنشيلوتي مهامه فعليًا في أواخر مايو 2025، أي بعد انتهاء موسمه الأخير مع ريال مدريد حيث وافق النادي الملكي على إنهاء العلاقة التعاقدية بشكل ودي.
ووفقًا للبيان الرسمي، يتضمن الاتفاق تولي أنشيلوتي المسؤولية الفنية الكاملة، بما يشمل التشكيل، الاختيارات، الخطط، وحتى الإشراف على المنتخبات السنية لضمان الانسجام التكتيكي بين الفئات العمرية.
لماذا اختارت البرازيل أنشيلوتي؟
طرح التعاقد مع أنشيلوتي عدة تساؤلات في الأوساط الرياضية، لكنه جاء مدعوم برؤية واضحة من الاتحاد البرازيلي، الذي يسعى لكسر الجمود الفني والعودة إلى منصات التتويج ويُعتبر أنشيلوتي مدرب منتخب البرازيل نقلة نوعية في فكر إدارة اللعبة في البلاد.
أنشيلوتي يمتلك سجلًا تدريبيًا استثنائيًا حيث فاز بدوري أبطال أوروبا أربع مرات كمدرب (رقم قياسي)، وتوّج بألقاب في خمس دوريات أوروبية كبرى (إيطاليا، إنجلترا، فرنسا، ألمانيا، إسبانيا).
قدرته على إدارة النجوم، التعامل الهادئ مع الضغوط، ومرونته التكتيكية، كلها عوامل رجّحت كفته أمام مرشحين آخرين.
المدرب | الألقاب الأوروبية الكبرى | عدد المنتخبات التي دربها |
---|---|---|
كارلو أنشيلوتي | 9 (بما فيها 4 دوري أبطال) | 0 (قبل البرازيل) |
تيتي | 1 (كوبا أمريكا 2019) | 1 |
سكولاري | 1 (كأس العالم 2002) | 5 |
التحديات التي تنتظر أنشيلوتي
التوقعات كبيرة، ولكن حجم التحديات لا يقل، أمام أنشيلوتي مهمة معقدة في إدارة منتخب يُعد الأكثر تتويجًا بكأس العالم، ولكنه يعاني مؤخرًا من غياب الهوية. التحديات الرئيسية التي سيواجهها:
1. إعادة بناء الهيكل التكتيكي
يعتمد المنتخب البرازيلي على المهارات الفردية أكثر من النظام الجماعي.
2. دمج جيل الشباب
مثل إندريك، فيتور روكي، وأندري سانتوس، مع الحرس القديم.
3. كوبا أمريكا 2026
اختبار مبكر لأنشيلوتي في بطولة رسمية قبل كأس العالم.
4. توقعات الجماهير
الضغط الإعلامي والشعبي في البرازيل أكبر مما واجهه في أي نادٍ أوروبي.
أنشيلوتي أكد في تصريح لقناة Sky Italia أنه بدأ بوضع خطة لإرسال كشافين لمراقبة اللاعبين المحليين في الدوري البرازيلي، بالإضافة إلى تعزيز الفريق الفني بمساعدين برازيليين، لتسهيل الانتقال الفني والثقافي.
نهاية مشوار أنشيلوتي مع ريال مدريد
اتفق الطرفان، ريال مدريد وأنشيلوتي على نهاية ودية للعلاقة التي امتدت منذ 2021 في فترته الثانية مع النادي، وقد ختم أنشيلوتي موسمه الأخير مع الميرينغي بتحقيق لقب الليغا الإسبانية 2023/2024، وخروج مشرف من نصف نهائي دوري الأبطال أمام مانشستر سيتي.
تشير تقارير صحيفة AS الإسبانية إلى أن الإدارة تجهز تشابي ألونسو لتولي القيادة الفنية خلفًا له حيث يحظى بدعم كبير من الجماهير والإدارة، كونه يمتلك رؤية هجومية ويعرف بيئة النادي.
موقف اللاعبين الكبار من تعيين أنشيلوتي
توالت ردود الفعل من نجوم السيليساو بعد الإعلان الرسمي وجاء أبرزها من كاسيميرو، الذي قال عبر “إكس”:
“أنشيلوتي مدرب منتخب البرازيل هو الرجل المناسب في الوقت المناسب. لقد تعلمنا منه الكثير في مدريد وسنتعلم أكثر معه هنا”.
أما نيمار، فرحب بالخطوة لكنه لم يحدد بعد موقفه من المشاركة مع المنتخب في المرحلة القادمة بسبب استمرار تعافيه من إصابة الرباط الصليبي التي لحقت به في أكتوبر 2024.
المستقبل الفني للسيليساو
الأنظار تتجه إلى تشكيلة أنشيلوتي المرتقبة والتي يُتوقع أن تشهد تغييرات جذرية، حيث تشير تقارير من موقع UOL البرازيلي أن المدرب الإيطالي يعتزم الاعتماد على خطة 4-3-3 بدلًا من 4-2-3-1 التي استخدمها سلفه، مع توجيه خاص للاعبي الوسط بزيادة الضغط والارتداد السريع.
الأسماء المرشحة لدخول التشكيلة الأساسية تشمل:
- إندريك (هجوم)
- جواو غوميش (وسط)
- بريمر (دفاع)
- غابرييل مارتينيلي (جناح)
كما يُنتظر من أنشيلوتي استخدام أدوات تحليل الأداء الحديثة عبر الذكاء الاصطناعي، والتي أثبتت فعاليتها في تدريبه السابق، حسب ما أكد في لقاء سابق مع قناة BT Sport.
التأثير الإعلامي والدبلوماسي لتعيين أنشيلوتي
قرار تعيين أنشيلوتي مدرب منتخب البرازيل لم يكن حدثًا رياضيًا فحسب، بل اتخذ بُعدًا سياسيًا ودبلوماسيًا غير مسبوق، فقد أصدرت وزارة الرياضة البرازيلية بيانًا وصفته بـ”نقلة نوعية في إدارة الرياضة الوطنية”، وأشادت الصحف الأوروبية، وعلى رأسها صحيفة La Gazzetta dello Sport، بالخطوة، معتبرة أنها اعتراف غير مباشر بتفوق العقلية التدريبية الإيطالية عالميًا.
وبحسب شبكة Sky News، فإن الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا بارك الخطوة في مكالمة هاتفية مع أنشيلوتي، وأبدى أمله في أن يسهم هذا التغيير في إعادة اللحمة الوطنية حول المنتخب، لا سيما في ظل الاستحقاقات الكبرى القادمة.
مدارس تدريبية مختلفة: من لاتينية حماسية إلى أوروبية واقعية
من المثير أن أنشيلوتي مدرب منتخب البرازيل يأتي من مدرسة مختلفة تمامًا عن التي اعتادها “السيليساو”، حيث لطالما ارتبط المنتخب بمدربين من أصحاب الطابع الهجومي البحت، مثل سكولاري وزاجالو.
أما أنشيلوتي، فهو أقرب إلى المدرسة الواقعية المرنة، التي تمزج بين التوازن الدفاعي والانضباط التكتيكي.
الجدول التالي يوضح بعض الفوارق:
الجانب التكتيكي | المدرسة اللاتينية (تقليدية) | المدرسة الأوروبية (أنشيلوتي) |
---|---|---|
التمركز الدفاعي | فردي | جماعي ومنظم |
بناء الهجمة | انطلاق فردي | توزيع أدوار |
الاستحواذ | متوسط | مرتفع |
الضغط على الخصم | عشوائي | ممنهج |
تأثير التعيين على الكرة البرازيلية داخليًا
قرار أنشيلوتي بتولي قيادة “السيليساو” أعاد الحديث محليًا عن مشكلات البنية التحتية لكرة القدم البرازيلية. فبحسب موقع Globo Esporte، فإن المدرب الإيطالي طلب من الاتحاد تجهيز منشآت تدريب متطورة في ساو باولو، لتكون مركزًا دائمًا للمعسكرات، عوضًا عن الاعتماد الموسمي على ملعب “غرامادو”.
كما اقترح أنشيلوتي إنشاء وحدة بيانات مركزية لتحليل أداء اللاعبين المحليين، بالتعاون مع الأندية البرازيلية، على أن تُدار من قبل فريق تابع للجهاز الفني، في سابقة تُطبق لأول مرة في تاريخ المنتخب.
موقف الأندية الأوروبية من القرار
لم يمر قرار تعيين أنشيلوتي مدرب منتخب البرازيل مرور الكرام في أوروبا، إذ عبّرت أندية مثل نابولي وإيفرتون وباريس سان جيرمان عن فخرها بمسيرة مدربها السابق وتمنّت له النجاح مع السيليساو.
في حين عبّر بعض المحللين في شبكة Canal+ عن مخاوفهم من أن يؤثر ابتعاد أنشيلوتي عن بيئة الأندية الأوروبية على حظوظه في التدريب مستقبلاً في القارة العجوز حيث المنافسة شديدة والوجوه التدريبية الشابة في تصاعد.
آفاق كأس العالم 2026 وتوقعات أداء البرازيل
بحسب نماذج التوقعات التي نشرها مركز التحليل الرياضي “Opta Pro”، فإن أنشيلوتي مدرب منتخب البرازيل قد يرفع من فرص المنتخب بنسبة 17% للتأهل إلى نصف النهائي، مقارنة بالمدربين البرازيليين في السنوات الخمس الأخيرة.
العوامل التي تقف إلى جانبه:
- خبرة أنشيلوتي في البطولات القارية.
- استقرار التشكيلة الأساسية.
- وجود جيل شاب يتمتع بإمكانيات بدنية وفنية عالية.
مع ذلك، تبقى المنافسة من منتخبات مثل الأرجنتين وفرنسا وإنجلترا شرسة، وسيُختبر أنشيلوتي في أول مشوار رسمي له خلال كوبا أمريكا 2026.
اقرأ ايضاً: مارتينيلي يسجل هدف آرسنال الأول أمام ليفربول