عقد الاحتراف الرياضي والاختصاص القضائي

دراسة قانونية مقدمة من محامي متخصص في الاردن

 

الجزء الأول: عقد الاحتراف الرياضي

 

أولا: مقدمة

أصبحت الرياضة الحديثة صناعة قائمة بذاتها، تتشابك فيها الجوانب الاقتصادية والقانونية والإعلامية.

ومع تحول الرياضة من مجرد هواية إلى مهنة تدر دخلاً مالياً كبيراً، نشأت الحاجة إلى تنظيم العلاقة بين اللاعب الرياضي من جهة، والنادي أو الجهة المتعاقدة معه من جهة أخرى، ضمن إطار قانوني واضح يحدد الحقوق والالتزامات.

هذا الإطار يتمثل في عقد الاحتراف الرياضي، الذي يعد من العقود الخاصة التي تأخذ أحكامها من القواعد العامة في القانون المدني والعمل، مع خصوصيات يفرضها الطابع الرياضي، والتي أيضا تتطلب وجود محامي مختص.

 

ثانيا: تعريف عقد الاحتراف الرياضي

 

عرف مكتب العبادي للمحاماة، وهو مكتب محاماة في الأردن، لديه محامي مختص بعقود الاحتراف الرياضي، هذا العقد بأنه اتفاق مكتوب يلتزم بموجبه اللاعب بممارسة نشاطه الرياضي لصالح نادٍ أو جهة رياضية مقابل أجر محدد، ولمدة زمنية معينة، وفقاً لشروط يحددها الطرفان ووفق القوانين والأنظمة الوطنية والدولية ذات العلاقة.

وهو يختلف عن العقود العادية في أنه لا يقتصر على علاقة عمل فحسب، بل يتضمن عناصر تنظيمية وأخلاقية وانضباطية تتعلق بالمسابقات والالتزامات الرياضية.

 

عقد-الاحتراف-الرياضي عقد الاحتراف الرياضي والاختصاص القضائي

ثالثا: الطبيعة القانونية للعقد

اختلف الفقه في تكييف العقد:

– عقد عمل: باعتبار أن اللاعب يقدم خدمة شخصية (الأداء الرياضي) مقابل أجر، ويخضع لتعليمات النادي.

– عقد خاص ذو طبيعة مزدوجة: إذ يجمع بين أحكام عقد العمل والقواعد الخاصة بالرياضة الاحترافية التي تضعها الاتحادات الدولية (مثل الفيفا).

– عقد ذو طابع دولي: عندما يكون اللاعب أو النادي من جنسية مختلفة، مما يثير مسائل تنازع القوانين والتحكيم الرياضي الدولي.

 

رابعا: عناصر عقد الاحتراف الرياضي

يتضمن عقد الاحتراف مجموعة من العناصر الأساسية، أهمها:

1- الأطراف المتعاقدة

اللاعب (المحترف).

النادي أو الشركة الرياضية.

 

2- موضوع العقد

التزام اللاعب بممارسة النشاط الرياضي لصالح النادي.

تمثيل النادي في المباريات والبطولات.

 

3- الأجر

يتضمن الراتب الشهري أو السنوي.

المكافآت والحوافز (مكافأة الفوز، المشاركة، التسويق).

الامتيازات الأخرى (السكن، التنقل، الرعاية الصحية).

 

4-  مدة العقد

غالباً محددة بين سنة إلى خمس سنوات وفق لوائح الاتحادات الرياضية.

 

5- الالتزامات الأساسية

التزام اللاعب بالمحافظة على اللياقة البدنية والالتزام بالتمارين.

الالتزام بقواعد الانضباط الرياضي والابتعاد عن المنشطات.

التزام النادي بدفع المستحقات وتوفير الظروف الملائمة للتدريب.

 

6- بنود خاصة

شرط جزائي في حال فسخ العقد.

شرط عدم المنافسة (انتقال اللاعب لنادٍ منافس خلال فترة العقد).

الحقوق الإعلامية والإعلانية (استخدام صورة اللاعب).

 

خامسا: فسخ العقد وإنهاؤه

يمكن أن ينتهي العقد بالطرق التالية:

بانتهاء المدة المتفق عليها.

بالتراضي بين الطرفين.

بالفسخ لسبب مشروع (إخلال اللاعب بواجباته أو تأخر النادي في دفع الرواتب).

بالقوة القاهرة (الإصابة المستعصية أو الظروف الاستثنائية).

وقد حددت لوائح الاتحاد الدولي لكرة القدم (FIFA) معايير دقيقة للفسخ المبكر، ووضعت آليات للتعويض أو المنع من التسجيل.

 

سادسا: التحكيم في منازعات عقود الاحتراف

بسبب الطابع الدولي للرياضة، غالباً ما تنشأ المنازعات حول عقود الاحتراف أمام هيئات تحكيم رياضي دولية، علما أن افضل محامي في الأردن، في هذا المجال أكد على ضرورة وجود محامي مختص ومرخص له الترافع أمام محكمة التحكيم الرياضية، وهي:

 

محكمة التحكيم الرياضية (CAS).

 

اللجان المختصة داخل الاتحادات الدولية والقارية.

وتتميز هذه الجهات بسرعة البت في النزاعات مقارنة بالقضاء العادي، وبتخصصها في المسائل الرياضية.

 

سابعا: أهمية عقد الاحتراف

1-  يحمي حقوق اللاعب المادية والمعنوية.

2- يضمن للنادي الاستفادة من خدمات اللاعب بشكل منظم.

3- يسهم في استقرار النشاط الرياضي والحد من النزاعات.

4- يعزز الاستثمار في الرياضة باعتبارها صناعة عالمية.

 

ثامنا: التحديات العملية

 

رغم أهميته، يواجه عقد الاحتراف الرياضي عدة تحديات:

 

تفاوت التشريعات الوطنية مع القوانين الدولية.

ضعف الوعي القانوني لدى اللاعبين.

الاستغلال المالي لبعض الأندية للاعبين الناشئين.

تعارض المصالح بين وكيل اللاعب والنادي.

ندرة وجود محامي مختص في عقود الاحتراف الرياضي.

 

الجزء الثاني: الاختصاص القضائي في عقد احتراف لاعب كرة القدم

 

إن عقد احتراف لاعب كرة القدم شأنه شأن أي عقد مدني آخر، قد يثير بعض النزاعات بين أطرافه، الأمر الذي يستدعي البحث عن الجهة القضائية المختصة للنظر والفصل في هذه النزاعات، ولعل خصوصية هذا العقد من حيث أطرافه وموضوعه وطبيعته هي التي استدعت وجود هيئات قضائية رياضية متخصصة للفصل في النزاعات الناشئة عنه، بعيداً عن المحاكم الوطنية، ووجود محامي متخصص في في عقود الاحتراف الرياضي.

 

وعليه، سنتناول هنا الجهات القضائية المختصة في عقود احتراف لاعبي كرة القدم:

 

أولا: اختصاص اللجان القضائية الرياضية الوطنية

 

تختص اللجان القضائية الرياضية الوطنية في كل اتحاد محلي لكرة القدم بالنظر في المنازعات الناشئة بين اللاعبين والأندية الرياضية.

وهذه اللجان تتنوع بتنوع مهامها، فمنها لجنة شؤون اللاعبين، لجنة الانضباط، لجنة الاستئناف وغيرها.

وتعد هذه اللجان بمثابة قضاء رياضي داخلي يتم اللجوء إليه لحل المنازعات الرياضية، وقد نصت على تشكيلها واعتمادها لوائح الاتحادات الوطنية لكرة القدم، التي تُلزم جميع اللاعبين والأندية بالاحتكام إليها.

وتتميز هذه اللجان بسرعة البت في القضايا نظراً لطبيعتها الاستعجالية، فضلاً عن تخصص أعضائها في الشؤون الرياضية.

ويُتاح للمتضرر من قراراتها الطعن أمام لجنة استئناف عليا ضمن الاتحاد ذاته، وفق ما هو منصوص عليه في اللوائح المحلية.

 

 

المطلب الثاني: اختصاص محكمة التحكيم الرياضي (CAS)

 

تُعد محكمة التحكيم الرياضي في لوزان – سويسرا (Court of Arbitration for Sport – CAS) الهيئة القضائية الرياضية العليا على المستوى الدولي.

وتختص هذه المحكمة بالفصل في الطعون المرفوعة ضد قرارات الاتحادات الوطنية أو الدولية بعد استنفاد طرق الطعن الداخلية.

ويشترط للجوء إليها أن يتضمن عقد الاحتراف أو لوائح الاتحاد شرطاً بالتحكيم أمامها.

وتتميز إجراءاتها بالمرونة والسرعة والسرية، كما أن قراراتها نهائية وملزمة لجميع الأطراف.

وقد أكدت الفيفا والاتحادات القارية في أنظمتها الأساسية على إلزامية التحكيم أمام هذه المحكمة، تعزيزاً لمبدأ استقلالية القضاء الرياضي عن المحاكم الوطنية.

 

المطلب الثالث: عدم اختصاص المحاكم الوطنية العادية

 

الأصل أن المحاكم الوطنية لا تختص بالنظر في النزاعات الرياضية المتعلقة بعقود الاحتراف، وذلك احتراماً لاستقلالية الهيئات الرياضية ولما تقتضيه طبيعة النشاط الرياضي من سرعة وخصوصية في الحسم.

إلا أن الاستثناء يرد في حال تعلق النزاع بمسائل مدنية أو جزائية بحتة، لا علاقة لها مباشرة بالقوانين واللوائح الرياضية، كالنزاعات حول الحقوق المالية العامة أو الجرائم الجنائية.

وقد استقر القضاء في بعض الدول، مثل فرنسا، على هذا المبدأ، حيث قضت المحاكم بعدم اختصاصها بنظر المنازعات الرياضية البحتة، مع ترك الاختصاص للهيئات القضائية الرياضية.

 

الخاتمة

خلصت هذه الدراسة إلى أن عقد احتراف لاعب كرة القدم عقد ذو طبيعة خاصة، يستوجب وجود هيئات قضائية رياضية متخصصة للفصل في النزاعات الناشئة عنه.

وتكمن أهمية هذه الهيئات في كونها توفر بيئة قضائية سريعة ومرنة، تراعي خصوصية الرياضة ومتطلباتها.

وقد تبين من خلال المقارنة بين فرنسا والسعودية والعراق، أن الأولى تمتلك نظاماً متكاملاً ينظم عقود الاحتراف ويحدد آليات حل النزاعات، بينما خطت السعودية خطوات متقدمة في هذا المجال عبر لوائح الاحتراف، في حين ما يزال العراق بحاجة ماسة إلى وضع تنظيم قانوني متكامل لعقود الاحتراف وآليات فض النزاعات المتعلقة بها.

وعليه، توصي الدراسة بضرورة أن يتبنى المشرّع العربي تشريعاً خاصاً ينظم عقود الاحتراف الرياضي بصورة واضحة ومفصلة، مع تحديد الاختصاص القضائي للجان الرياضية الوطنية ومحكمة التحكيم الرياضي الدولية، أسوة بالتجارب المقارنة الناجحة، وضرورة استشارة محامي.

 

مكتب العبادي للمحاماة

تواصل معنا من خلال رقم هاتف مكتب العبادي للمحاماة:

0798333357 / 0799999604 / 064922183.

يمكنكم زيارة مكاتبنا في:

الأردن، عمان، العبدلي، شارع الملك حسين، مجمع عقاركو التجاري، الطابق رقم 4، مكتب رقم 4.

 

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!