شهد نادي برشلونة الإسباني مؤخرًا زلزالًا ماليًا جديدًا بعد إعلان الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) عن فرض عقوبة مالية ثقيلة على برشلونة بسبب مخالفات تتعلق بقواعد اللعب المالي النظيف. هذه التطورات تضع مستقبل النادي على المحك، وسط تساؤلات متزايدة من الجماهير والمراقبين الرياضيين حول مدى تأثير هذه الإجراءات على مشوار النادي في البطولات الأوروبية، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية والإدارية التي يواجهها الفريق الكتالوني.
تفاصيل الغرامة وأسبابها
أعلن يويفا عن توقيع عقوبة برشلونة بعد مراجعة دقيقة للبيانات المالية للنادي خلال السنوات الماضية. وأشار الاتحاد الأوروبي إلى أن برشلونة تجاوز الحد المسموح به في الإنفاق مقارنة بالإيرادات المعترف بها في قطاع كرة القدم، وهي مخالفة صريحة للوائح اللعب المالي النظيف المحدثة عام 2024.
وبحسب ما أوردته صحيفة The Athletic وموقع UEFA.com الرسمي، فإن الغرامة المفروضة تبلغ 15 مليون يورو كحد أدنى، مع احتمال ارتفاعها إلى 60 مليون يورو، بحسب التزام النادي بخطة تصحيح مالي تمتد لعامين.
ومن أهم أسباب عقوبة برشلونة:
- تسجيل خسائر تراكمية تتجاوز الحد المسموح.
- الاعتماد المفرط على بيع الأصول غير الملموسة كوسيلة لتمويل الأنشطة.
- فشل في تقديم تقارير مالية دقيقة وفق معايير الشفافية الأوروبية.
جدير بالذكر أن الغرفة الأولى لهيئة الرقابة المالية بالأندية الأوروبية أصدرت تقريرًا في سبتمبر 2024 يفيد بضرورة التدخل لمعالجة أقرًا أيضًا: هل ودّع برشلونة ديوجو جوتا وشقيقه برسالة مؤثرة؟
تداعيات العقوبة على مشاركة برشلونة الأوروبية
إن عقوبة برشلونة لا تتوقف عند حدود الغرامة المالية، بل تمتد لتشمل قيودًا محتملة على تسجيل اللاعبين الجدد في البطولات الأوروبية. ووفقًا للبيان الرسمي من يويفا، قد يُمنع النادي من قيد لاعبين في القائمة “أ” المشاركة بدوري أبطال أوروبا، إذا لم يتمكن من تحقيق التوازن المطلوب بين التكاليف والإيرادات.
وفي هذا السياق، ذكرت صحيفة MARCA الإسبانية أن مسؤولي برشلونة بدأوا بالفعل مراجعة عقود اللاعبين المرتفعة، وقد يتجهون للاستغناء عن بعض الأسماء الكبيرة مثل فرانك كيسي أو أندرياس كريستينسن لتقليل العبء المالي.
كما أشار المحلل المالي الكروي Kieran Maguire إلى أن التزام برشلونة بخطة الإصلاح المالي سيكون الفيصل بين مشاركته القوية أوروبيًا أو تعرضه لعقوبات رياضية إضافية، وهو ما يعيد إلى الأذهان تجربة ميلان الإيطالي في 2019 حين تم استبعاده من البطولة الأوروبية بسبب مخالفات مشابهة.
كيف يؤثر تجديد نيكو ويليامز على طموحات برشلونة؟
لم تكن عقوبة برشلونة هي الصدمة الوحيدة التي تلقاها النادي، إذ جاءت مفاجأة تجديد نجم أتلتيك بلباو، نيكو ويليامز، لعقده حتى عام 2035، لتجهض أحلام الإدارة الكتالونية في ضم اللاعب.
وكان برشلونة قد وضع نيكو ويليامز كأحد أبرز أهدافه في الانتقالات الصيفية، لدعم الجناح الأيسر بعد تراجع مستوى بعض اللاعبين. لكن توقيع اللاعب لعقد طويل الأمد مع بلباو، مصحوبًا بشرط جزائي مرتفع، أغلق الباب أمام برشلونة تمامًا.
ويأتي هذا التطور في وقت حرج، حيث كانت الإدارة تأمل في صفقات منخفضة التكلفة ومرتفعة الأداء لتعويض محدودية ميزانية الانتقالات، في ظل عقوبة برشلونة المفروضة. وقد صرح ويليامز في مؤتمر صحفي مؤخرًا أنه يفضل الاستقرار في بلباو، وهو ما اعتُبر رفضًا مباشرًا لعرض برشلونة.
مقارنة بين عقوبة برشلونة وأندية أوروبية أخرى
لإدراك مدى تأثير عقوبة برشلونة، يجدر بنا مقارنتها بالعقوبات التي طالت أندية أوروبية أخرى لنفس الأسباب. فيما يلي جدول يوضح تفاصيل العقوبات:
النادي | العقوبة المالية (باليورو) | سبب العقوبة | سنة العقوبة |
---|---|---|---|
برشلونة | 15 – 60 مليون | تجاوز اللعب المالي النظيف | 2025 |
تشيلسي | 20 مليون | خرق قواعد التعاقدات والإنفاق | 2025 |
أستون فيلا | 5 مليون | عدم الامتثال للميزانية السنوية | 2025 |
ليون الفرنسي | 12.5 مليون | تقارير مالية غير دقيقة | 2025 |
من خلال هذا الجدول، يتضح أن عقوبة برشلونة هي الأعلى من حيث القيمة، ما يعكس حجم الأزمة المالية التي يمر بها النادي، مقارنة بمنافسين أقل في الميزانية والمكانة الأوروبية.
مستقبل الصفقات الجديدة في ظل العقوبة
أحد أبرز التحديات التي تفرضها عقوبة برشلونة تتعلق بإمكانية تعاقد النادي مع لاعبين جدد. فقد أشار تقرير Football Italia إلى أن برشلونة سيكون ملزمًا بتحقيق “توازن إيجابي” في الانتقالات، أي أنه لا يمكنه تسجيل لاعبين جدد إذا لم يتجاوز حجم الفارق بين المصروفات والإيرادات.
يُتوقع أن يتجه النادي إلى صفقات مجانية أو إعارات فقط، مع التركيز على اللاعبين الشباب من أكاديمية “لاماسيا”. كما يتوقع مراقبون أن تتأجل صفقة ضم جواو فيليكس نهائيًا من أتلتيكو مدريد بسبب القيود الجديدة.
وقد نقلت شبكة ESPN FC عن مصدر داخل النادي أن هناك خطة للتخلص من خمسة لاعبين براتب مرتفع خلال السوق الصيفية الحالية، أبرزهم: سيرجي روبيرتو، ماركوس ألونسو، وكليمون لونغليه.
موقف جماهير برشلونة والإدارة من العقوبة
ردود الفعل حول عقوبة برشلونة كانت متباينة داخل أوساط الجماهير. على مواقع التواصل الاجتماعي، أعرب العديد من مشجعي الفريق عن استيائهم من السياسات المالية للإدارة، مطالبين برحيل بعض أعضاء مجلس الإدارة وتحقيق مراجعة شاملة لسياسات الإنفاق.
في المقابل، دافع الرئيس خوان لابورتا عن موقف النادي، مؤكدًا أن العقوبة متوقعة ضمن خطة إصلاح طويلة المدى. وقال في مقابلة مع إذاعة Catalunya Radio إن النادي ملتزم بخطة التسوية مع يويفا، وإن الهدف هو العودة إلى الاستقرار المالي الكامل بحلول 2026.
وأضاف لابورتا أن الاستثمار في الفريق الأول لن يتوقف، ولكن سيكون بشكل عقلاني ومخطط، مع منح الفرصة لأبناء الأكاديمية أكثر من أي وقت مضى.
في النهاية
تؤكد عقوبة برشلونة الأخيرة على أن عصر الإنفاق المفتوح دون رقابة قد ولى، وأن الأندية الكبرى مطالبة بالامتثال لمعايير صارمة تفرضها الجهات المنظمة لكرة القدم الأوروبية، وبينما يخوض برشلونة تحديات مالية ورياضية كبيرة، تبقى خياراته محدودة إن لم ينجح في الالتزام بخطة إعادة الهيكلة المالية. أما الجماهير، فهي الآن بين أمل الإصلاح ومخاوف الغياب عن منصات التتويج.
أقرًا أيضًا: هل يهرب نجم ريال مدريد من دكة تشابي ألونسو؟.. اللاعب يفكر في الرحيل!