يواصل نادي برشلونة مساعيه لتجاوز أزمة برشلونة المالية التي عرقلته خلال المواسم الماضية، عبر توقيع شراكات استراتيجية غير تقليدية. أعلن نادي برشلونة برئاسة خوان لابورتا عن صفقة رعاية مع جمهورية الكونغو الديموقراطية، حيث سيضع النادي شعار “جمهورية الكونغو الديمقراطية، قلب أفريقيا” على أكمام قمصانه لمدة ثلاث سنوات مقابل حوالي 10 ملايين يورو سنويًا. كما تشمل الصفقة مبادرات تعليمية واجتماعية تعزز حضور النادي في إفريقيا. يأتي هذا الاتفاق في إطار خطة أشمل للتعافي المالي، تتضمن استثمارات من الشرق الأوسط، وتمويل حقائب الرعايات، والمساهمة في استقرار وضعه تحت سقف اللعب المالي النظيف. سنتناول فيما يلي أهم محاور هذه الاستراتيجية:
خلفيات الأزمة المالية في برشلونة
تعود أزمة برشلونة إلى تراكم الديون والإفراط في الإنفاق على الصفقات ورواتب اللاعبين، حيث تجاوزت ديون النادي 3 مليار يورو ، مع تقليص سقف الرواتب السنوي إلى نحو 204 مليون يورو، في حين يتخطى المصروف الفعلي 400 مليون .
الأزمة تفاقمت بسبب مشروع إعادة تطوير “سبوتيفاي كامب نو”، الذي أدى إلى ضغط مالي إضافي بعد انتقال الفريق المؤقت إلى ملعب أولمبي مدّريتش. تضمنت الخطة بيع حصص من حقوق البث وتراخيص للنادي لتحقيق إيرادات عاجلة، لكن ذلك أثر سلبًا على الميزانية المستقبلية .
لذلك، يسعى لابورتا لخلق مصادر تمويل بديلة، للتخفيف من قيود اللائحة المالية ومواصلة سياسة البناء التدريجي دون المخاطرة ببيع لاعبين أساسين أو تفكيك الفريق الذي أظهر نوايا إيجابية هذا الموسم .
الصفقة مع جمهورية الكونغو: تفاصيل واستراتيجية
بحسب مصادر كتالونية، يتضمن الاتفاق الجديد أن تدفع جمهورية الكونغو الديمقراطية نحو 10 ملايين يورو سنويًا لرعاية أكمام قمصان فريق برشلونة الأول خلال 3 سنوات. يتزامن ذلك مع حملات ترويجية للسياحة والهوية الثقافية للكونغو في وسائل الإعلام: “قلب إفريقيا” هو الشعار الرسمي المُستخدم .
الصفقة تتعدى الشق التجاري لتشمل تعاونًا مدرسيًا واجتماعيًا ضمن برامج مؤسسة برشلونة، تأكيدًا على دور النادي في التنمية المستدامة، وهو توجه يعزز القيم العالمية للنادي ويخلق روافد جديدة من السمعة والشراكة.
هذا الاتفاق الأول من نوعه لأن ناديًا مثل برشلونة يربط شراكته بدولة إفريقية، وهو ما يفتح الباب أمام مزيد من العلاقات الاستثمارية مع إفريقيا كقارة شابة بازدهار رياضي واقتصادي.
الربط بين صفقة الكونغو والمعادلة المالية
الإيراد المنتظر من صفقة الكونغو – حوالي 30 مليون يورو على ثلاث سنوات – يعد مكسبًا مهمًا ضمن استراتيجية لابورتا لتخفيف أزمة برشلونة. لكن فائدته لا تقتصر على السيولة:
- يدعم تجاوز سقف الرواتب وتحويله تدريجيًا نحو أساسي.
- يقلل الضغط على لائحة اللعب المالي النظيف (FFP).
- يدعم جهود النادي في تنويع مصادر الإيرادات بعيدة عن بيع اللاعبين أو بيع حقوق مستقبلية.
وبالاستناد إلى نهج “الطريق المتوسط” الذي تحلي به النادي، فإن هذه الشراكة لا تخلف التزامات رياضية أو بيع أصول أساسية، بل تكمل خطة طويلة الأجل للإستقرار المالي .
اقرأ ايضاً: حقيقة تغيير نظام كأس السوبر المصري تثير الجدل
البيانات الحديثة وتطورات ما قبل الموسم
وفقًا لتقرير نشره موقع Front Office Sports بتاريخ 10 يوليو 2025، وضح أن استراتيجية النادي الجديدة بدأت تؤتي ثمارها: الفريق يظهر أداء قويًا في بداية الموسم، بينما تزداد الإيرادات من الرعايات بشكل ملحوظ.
إضافة إلى صفقة الكونغو، أجرى لابورتا محادثات مع مستثمرين من دبي وقطر، اشترى النادي بعض مقاعد V.I.P الجديدة في “كامب نو” بقيمة 100 مليون يورو دفعة واحدة ، وسعى لتعزيز عقده مع نايكي وتجديده بأفضل الشروط.
هذه الحزمة من القرارات توضح مسارًا واضحًا نحو معالجة أزمة برشلونة من خلال تنويع مصادر الإيرادات وبذل ما يلزم لتجاوز القيود المالية.
مقارنة مع جهود تمويل أخرى: الشرق الأوسط وأفريقيا
نادي برشلونة وجد في الشرق الأوسط سوقًا واعدة، سواء عبر صفقة مقاعد “VIP” في دبي أو رعاية محتملة من شركات كبرى. صفقة الكونغو هي استمرار لهذه الديناميكية لكنها تمثل انقلابًا بنظرة النادي نحو القارة الأفريقية الواعدة.
تقليديًا، كانت الرعايات الكبرى تأتي من الشركاء الأوروبيين مثل “سبوتيفاي”، وكانت الإيرادات التجارية تتجه نحو الأسواق الغربية أو الشرق الأوسط .
لكن إفريقيا، بحوضها السكاني الضخم ونموها الاقتصادي، أصبحت هدفًا متزايد الأهمية. تسوق الصفقة صورة جديدة للنادي، ويبدو أنها ستلعب دورًا في إعادة تموضع النادي تجاريًا وجغرافيًا، بوعود مستقبلية لمزيد من التعاون في دول شرق وغرب القارة.
الأثر المستقبلي وتوصيات خبراء الاقتصاد الرياضي
يرى خبراء الاقتصاد الرياضي أن هذه الصفقة هي خطوة استراتيجية في تصفية جزء من أزمة برشلونة، لكن مطالبة ببعض النصائح:
- تعظيم العوائد من المشاريع الأهلية بإنشاء معسكرات تدريبية وأكاديميات كرة في الكونغو بالتعاون مع الحكومات المحلية.
- استثمار عوائد الصفقة في شراكات رياضية تعليمية ضمن برامج برشلونة المجتمعية.
- مواصلة البحث عن شراكات مكملة في إفريقيا ودبي لتعزيز رأس مال النادي.
ومن منطق تجربة برشلونة بالسوق الأمريكية الصيف الماضي، والصفقات الضخمة في الشرق الأوسط (مثل بيع حقوق بث، وتجديد عقود الرعايات الكبرى)، فإن استراتيجية القارة الإفريقية يجب أن تُبنى كجزء من خطة أوسع ومستدامة، لا كمبادرة للتغطية العاجلة فقط.
خاتمة
تطرح صفقة الرعاية مع جمهورية الكونغو الديمقراطية نموذجًا ذكيًا في مكافحة أزمة برشلونة المالية، عبر توظيف شراكات تجارية وأفريقية جديدة. فهي تقدم دخلاً طال انتظاره، تدعم قيمة العلامة التجارية عالميًا، وتعزز التنوع في مصادر التمويل. رغم التحديات المحيطة بالسوق الإفريقية، فإن إدارة النادي تبدو مُصممة على اتباع استراتيجية معتدلة مستدامة، تسعى لتحقيق التوازن بين الطموح الرياضي والإمكانات الاقتصادية. إذا استُكملت هذه الجهود بنجاح، فتلك ستكون نقطة تحول حقيقية في مسار النادي الإسباني.
اقرأ ايضاً: هل يرحل آليو ديانج عن الأهلي؟ قرار مفاجئ يحسم مصير نجم الوسط