رئيس برشلونة الأسبق ينتقد ديكو ويؤكد أن ويليامز ليس على مستوى النادي

شهد الوسط الرياضي الإسباني جدلاً واسعاً خلال الأيام الماضية بعد التصريحات الجريئة التي أطلقها رئيس برشلونة الأسبق جوان جاسبارت، والتي وجّه فيها انتقادات واضحة إلى المدير الرياضي الحالي ديكو، وسخر من صفقة تعاقد نادي برشلونة مع نيكو ويليامز، لاعب أتلتيك بلباو. هذه التصريحات ألقت الضوء مجددًا على أزمة التعاقدات في برشلونة، وسلطت الضوء على التوتر المستمر داخل الإدارة الفنية، خاصة بعد فشل إتمام الصفقة المرتقبة رغم كل التسهيلات الإعلامية والتمهيد الجماهيري.

تمثل هذه الواقعة نموذجًا حيًا للصراع الدائر في أروقة الأندية الكبرى بين الحنين للماضي ورغبة الإدارات الجديدة في بناء مستقبل بأساليب مختلفة. وبينما يراهن ديكو على تجديد دماء الفريق، فإن انتقادات رئيس برشلونة الأسبق تعكس قلقاً من فقدان البوصلة التاريخية للنادي في استقطاب النجوم الكبار بأسلوب يليق بقيمه.

خلفية التوتر الإداري داخل برشلونة

لطالما كانت إدارة برشلونة محط أنظار الإعلام والجماهير، ويُعرف عن جوان جاسبارت مواقفه الحادة منذ أن كان رئيساً للنادي بين عامي 2000 و2003. تلك الفترة شهدت عدة تحولات استراتيجية غيرت من شكل الفريق، لكنها كانت أيضًا من أصعب الفترات على الصعيد الاقتصادي. في المقابل، يتولى ديكو، النجم البرتغالي السابق، منصب المدير الرياضي حاليًا، في مرحلة يسعى فيها برشلونة إلى إعادة بناء الفريق بعد سنوات من التراجع المالي والفني.

الانتقادات التي وجهها رئيس برشلونة الأسبق لا تقتصر على الصفقة الأخيرة، بل تمتد إلى طريقة تعامل الإدارة مع ملفات اللاعبين، وغياب “الشغف الكتالوني” في أسلوب التفاوض. جاسبارت يؤمن بأن الجاذبية العاطفية والتاريخية للنادي يجب أن تبقى عنصرًا حاسمًا في إقناع اللاعبين، وليس فقط العرض المالي.

اقرأ ايضاً: عبد الواحد السيد يعلّق على قرار الزمالك بضم عبد الناصر محمد وجون إدوارد.. رؤية فنية تثير الجدل

فشل مفاوضات نيكو ويليامز وتداعياتها

دخل نادي برشلونة في مفاوضات متقدمة مع نيكو ويليامز، جناح أتلتيك بلباو، خلال فترة الانتقالات الصيفية الحالية. وأفادت التقارير أن النادي كان مستعدًا لتفعيل الشرط الجزائي في عقد اللاعب، لكن الصفقة انهارت في اللحظات الأخيرة لأسباب لم تُكشف رسمياً، الأمر الذي فجّر موجة من التساؤلات.

المصادر القريبة من النادي أكدت أن العامل المالي لم يكن الوحيد في تعثّر الصفقة، بل إن اللاعب شعر بعدم وجود اهتمام شخصي أو تواصل مباشر من إدارة النادي، بعكس أندية أخرى وفرت له بيئة تواصل أكثر احترافية. هذه النقطة تحديداً هي ما أثار حفيظة رئيس برشلونة الأسبق، الذي يعتقد أن التواصل الإنساني والشغف جزء لا يتجزأ من هوية النادي.

الفشل في ضم ويليامز لا يمثل مجرد خسارة لاعب، بل يكشف عن خلل هيكلي في آلية التفاوض واختيار الصفقات في برشلونة. خصوصًا أن الفريق بحاجة ماسة إلى تدعيم الجبهة الهجومية، في ظل رحيل لاعبين أساسيين وعدم وجود بدائل بنفس الجودة.

انتقادات رئيس برشلونة الأسبق للصفقات الحديثة

صرّح جوان جاسبارت بأن “هناك ألف لاعب أفضل من ويليامز”، في إشارة إلى عدم اقتناعه بمستوى اللاعب بالنسبة لطموحات النادي الكتالوني. هذا التصريح وإن بدا قاسيًا، إلا أنه يعكس حالة من الإحباط تجاه سياسة التعاقدات الجديدة التي لم تثمر عن نتائج كبيرة في السنوات الأخيرة.

المشكلة الأكبر، حسب رؤية رئيس برشلونة الأسبق، تكمن في أن النادي لم يعد قادرًا على إقناع اللاعبين بالانضمام إليه فقط لكونه برشلونة. وقد فَقَدَ النادي جزءًا من سحره التاريخي نتيجة لأزمات مالية وإدارية وتراجع الأداء في البطولات الأوروبية.

عند مقارنة نيكو ويليامز بلاعبين آخرين في ذات المركز، يظهر أن هناك أسماء أكثر فعالية هجومية وذات معدل تهديفي أعلى. ويبدو أن جاسبارت يلمح إلى أن الإدارة لا تقوم ببحث كافٍ في السوق أو تستند على قرارات تسويقية أكثر من فنية.

ردود الفعل داخل النادي ووسائل الإعلام

لم تمر تصريحات رئيس برشلونة الأسبق مرور الكرام، بل أثارت جدلاً واسعًا داخل وسائل الإعلام الإسبانية. بعضها اعتبرها تصريحات محبطة وغير ضرورية، خاصة في وقت يسعى فيه النادي إلى الاستقرار الفني تحت قيادة المدرب الجديد هانز فليك. فيما رأى آخرون أنها دعوة إلى مراجعة الذات وتصحيح المسار الإداري، خصوصًا في ظل تراجع برشلونة عن مكانته بين كبار أوروبا.

أما على صعيد النادي، فلم يصدر رد رسمي من ديكو، لكن مصادر مقربة أشارت إلى أن الإدارة تحترم رأي رؤسائها السابقين، رغم اختلاف وجهات النظر. البعض داخل النادي يرى أن الانتقادات تندرج تحت “الحنين غير الواقعي للماضي”، وأن الإدارة الجديدة تعمل بآليات عصرية تتناسب مع واقع كرة القدم الحديثة.

الجماهير بدورها انقسمت بين مؤيد ومعارض. فئة رأت في تصريحات جاسبارت نوعًا من الغيرة الإدارية، فيما اعتبرها آخرون صرخة حقيقية لإنقاذ هوية النادي.

التحديات التي تواجه الإدارة الفنية الحالية

تُواجه إدارة برشلونة تحديات معقدة تجمع بين الضغوط المالية، سقف الرواتب، الالتزام بقواعد اللعب المالي النظيف، والتنافس مع أندية تتمتع بإمكانات مالية أكبر. في هذا السياق، يكون من الصعب دائمًا إتمام صفقات كبيرة دون التخلي عن بعض المبادئ أو المجازفة بميزانية النادي.

أضف إلى ذلك صعوبة التوفيق بين طموحات الجماهير وتوجهات الإدارة، وخصوصًا أن التعاقد مع لاعبين شباب يتطلب وقتًا لبناء الانسجام، وهو ما لا تقبله جماهير برشلونة التي اعتادت الفوز والإنجازات السريعة.

تصريحات رئيس برشلونة الأسبق تسلط الضوء على التحدي الأخطر، وهو الحفاظ على هوية النادي وسط تحولات السوق والمنافسات المالية الجديدة. ويبدو أن الصراع القادم في كامب نو لن يكون فقط بين اللاعبين على المستطيل الأخضر، بل أيضاً بين الرؤى الإدارية داخل أروقة النادي.

مستقبل برشلونة بعد الانتقادات الحالية

رغم الانتقادات، يبقى برشلونة أحد أكبر أندية العالم، ويملك قاعدة جماهيرية عريضة تدعمه في كل الظروف. لكن استمرارية المشروع الفني والإداري الحالي تتطلب تقييمًا دقيقًا لكل خطوة. وقد تدفع التصريحات الأخيرة الإدارة إلى مراجعة استراتيجياتها التعاقدية، والعودة إلى التركيز على اللاعبين ذوي الطابع الكتالوني والارتباط العاطفي بالنادي.

من المتوقع أن تُطرح هذه التصريحات للنقاش في الجمعية العمومية المقبلة، وقد تؤثر على ثقة الجماهير في الإدارة إذا لم ترافقها نتائج قوية على أرض الملعب خلال الموسم الجديد.

 أداء نيكو ويليامز مقابل أبرز البدائل المحتملة

في النهاية

أعادت تصريحات رئيس برشلونة الأسبق جوان جاسبارت الجدل مجددًا إلى البيت الكتالوني، وأثارت أسئلة حقيقية حول طبيعة إدارة ملف التعاقدات داخل النادي. وبينما تتجه الأنظار إلى الأداء الميداني للفريق تحت قيادة فليك، تبقى الرؤية الفنية والإدارية محل اختبار، خاصة عندما ترتبط بهوية النادي وتاريخه العريق.

اقرأ ايضاً: الشرطة الإسبانية تكشف ملابسات حادث وفاة جوتا وشقيقه في تقريرها الأولي