عماد المندوه يعتذر عن عدم استكمال مهمته في الزمالك

في قرار مفاجئ أثار موجة واسعة من التعليقات والتكهنات في الوسط الرياضي، أعلن عماد المندوه، مدرب حراس المرمى بقطاع الناشئين في نادي الزمالك، اعتذاره الرسمي عن عدم استكمال مهمته داخل القلعة البيضاء. القرار جاء في وقت حساس يشهد فيه النادي تحولات فنية وإدارية، ما دفع جماهير الزمالك ومحبي الكرة المصرية إلى التساؤل: هل كان السبب مجرد ظروف شخصية كما قيل، أم أن هناك خلفيات أعمق لهذا القرار؟

عماد المندوه ليس مجرد مدرب عادي، بل اسم ارتبط بالزمالك لعقود، سواء كلاعب أو كمدرب، وله باع طويل في تطوير حراس المرمى، وسبق أن قاد أسماء لامعة نحو النجومية. رحيله في هذا التوقيت، بعد استقراره النسبي في منصبه بقطاع الناشئين، يفتح الباب لتحليلات عدة. المقال التالي يرصد القصة الكاملة، ويستعرض أبعاد القرار من زوايا مختلفة: إدارية، فنية، وحتى إنسانية.

عماد-المندوه-يعتذر-عن-عدم-استكمال-مهمته-في-الزمالك عماد المندوه يعتذر عن عدم استكمال مهمته في الزمالك

رحلة عماد المندوه مع الزمالك: من الحارس إلى مدرب الحراس

عندما نتحدث عن عماد المندوه، فإننا نستعرض تاريخاً حافلاً في جدران نادي الزمالك، امتد منذ أن كان حارساً للمرمى في الفريق الأول وحتى تقلده مناصب تدريبية حساسة في أكثر من حقبة. المندوه خاض مسيرة مهنية كلاعب من أواخر الثمانينيات حتى أوائل الألفية، وكان شاهداً على محطات هامة في تاريخ الفريق الأبيض، بما في ذلك بطولات الدوري وكأس مصر والبطولات الإفريقية.

بعد اعتزاله، لم يبتعد عماد المندوه عن المستطيل الأخضر، بل انخرط مباشرة في مجال التدريب. وبفضل احترافيته وشخصيته الهادئة والمتزنة، أصبح من الأسماء المعتمدة لتطوير الحراس داخل قطاع الناشئين، ثم في الفريق الأول لاحقاً.

في السنوات الأخيرة، عاد مجددًا ليشغل منصب مدرب حراس الفريق الأول تحت قيادة المدرب المؤقت أيمن الرمادي، قبل أن يتم تكليفه بتدريب حراس قطاع الناشئين، وهي مسؤولية حرجة نظرًا لأهمية إعداد جيل جديد قادر على تكرار نجاحات أساطير الزمالك مثل عبد الواحد السيد وجنش.

الخبراء يشيرون إلى أن المندوه كان يمتلك مشروعًا طموحًا في القطاع الناشئ، وكان يعمل على تطبيق برامج تدريبية متقدمة بالتعاون مع أخصائيين فنيين من أوروبا، في إطار تطوير المنظومة التدريبية للنادي.

لذلك، فإن قرار استقالته أو اعتذاره جاء كصدمة، لا فقط على مستوى فني، بل أيضاً على مستوى إستراتيجية طويلة كان يُنتظر أن يُبنى عليها مستقبل حراسة المرمى في الزمالك.

 هل كانت “أسباب شخصية” فقط؟

البيان الرسمي الذي أعلنه الفنان إسلام جمال، وهو صهر عماد المندوه، اكتفى بالإشارة إلى أن “أسباب شخصية” كانت وراء قرار الاعتذار. لكن داخل أروقة نادي الزمالك، بدأت تتردد روايات مختلفة تفيد بوجود بعض التباينات بين المندوه وبعض القيادات الفنية، سواء في طريقة إدارة قطاع الناشئين أو في توزيع الأدوار داخل الأجهزة الفنية.

بحسب مصادر من داخل النادي نقلتها مواقع رياضية مثل يلا كورة وفي الجول، فإن المندوه كان يشعر بأن دوره يتم تقليصه تدريجياً بعد تعيين الجهاز الفني الجديد للفريق الأول بقيادة البلجيكي فيريرا ومساعده لازيتش، اللذين حملا معهم تصوراً مختلفاً لإعداد الحراس، دون التشاور الكامل مع القائمين على قطاع الناشئين.

مصادر أخرى رجّحت وجود تضارب في الصلاحيات بينه وبين بعض مساعدي المدير الفني، خصوصاً في آليات تصعيد الحراس الشباب للفريق الأول، وهو ما اعتبره المندوه تهميشًا غير مباشر لدوره الرئيسي.

لكن الجانب الإنساني لا يمكن تجاهله أيضاً. فبحسب ما أُشيع، فإن عماد المندوه كان يواجه ضغوطاً أسرية وأعباءً صحية مؤخرًا، جعلت استمراره في منصب يتطلب تواجداً يومياً والتزامًا مكثفًا أمرًا صعبًا. وبالتالي، قد يكون قراره مزيجًا من عوامل مهنية وشخصية دفعت به نحو التنحي في هذا التوقيت بالذات.

تأثير رحيل عماد المندوه على منظومة حراسة المرمى في الزمالك

غياب عماد المندوه عن قطاع الناشئين لا يعني فقط شغور منصب تدريبي، بل يعكس اضطرابًا في استراتيجية الزمالك تجاه مستقبل حراسة المرمى في النادي، وهي إحدى النقاط الفنية الحساسة تاريخيًا.

المندوه كان يقود مشروعاً متكاملاً لتطوير الحراس الناشئين، يتضمن ورشًا فنية وبدنية، بالإضافة إلى برامج متابعة فردية للحراس الواعدين مثل مصطفى عباس ومحمد نعيم، وهما من أبرز حراس فئة 2005 و2006. كما أشرف على تطوير تدريبات تعتمد على التحليل بالفيديو وتقنيات الذكاء الاصطناعي لرصد ردود الأفعال وتصحيح الأخطاء، بالتعاون مع أكاديميات خارجية متخصصة.

برحيله، تثار الآن تساؤلات حول مدى جاهزية الجهاز الفني الحالي لمواصلة هذا المشروع دون تراجع، لا سيما وأن الجهاز الجديد للفريق الأول، بقيادة البلجيكي يانيك فيريرا ومساعده چوجوسلاف لازيتش، قد لا يولي أهمية كافية لربط الناشئين بالفريق الأول، خاصة أن اهتمامهم ينصب بشكل مباشر على النتائج السريعة والمنافسة على البطولات.

وقد أظهرت الإحصائيات الرسمية للموسم الماضي أن الزمالك هو أكثر الفرق التي استخدمت حراسًا مختلفين في موسم واحد (5 حراس تناوبوا على حراسة المرمى في 3 بطولات)، ما يدل على غياب الاستقرار، الأمر الذي كانت فلسفة المندوه تسعى لمعالجته بإعداد حارس قوي ومتكامل.

السؤال اليوم: هل يستطيع الجهاز الفني الجديد الحفاظ على الإرث الذي أسسه عماد المندوه، أم أن النادي سيعود إلى دوامة التجريب و”الترقيع” في مركز حراسة المرمى؟

هل يعاني الزمالك من نزيف الكفاءات؟

رحيل عماد المندوه يفتح الباب على مصراعيه أمام قضية متكررة في الزمالك خلال السنوات الأخيرة: مغادرة الكفاءات الفنية بصمت، إما لعدم الاستقرار، أو بسبب صراعات داخلية وإدارية مزمنة.

ففي الموسم الماضي وحده، رحل عن النادي أكثر من 6 كوادر فنية في قطاعات مختلفة، منهم من تقدم باستقالته بسبب “ظروف شخصية”، ومنهم من خرج دون بيان رسمي. هذه الحلقات المتكررة تدق ناقوس الخطر في نادٍ بحجم الزمالك، يعاني من فقدان الثقة داخل بنيته التنظيمية.

يعزو بعض المحللين هذه الظاهرة إلى غياب خريطة واضحة لتوزيع المسؤوليات، وعدم ثبات الأجهزة الفنية، والتدخلات الإدارية في التفاصيل الفنية. كما أن فترات “اللجان المؤقتة” أسهمت في اضطراب الرؤية الفنية، ما يجعل العمل داخل الزمالك مرهقًا نفسيًا وفنيًا حتى على الكفاءات ذات الخبرة العالية.

وفي حالة عماد المندوه، فإن الاعتذار عن الاستمرار – في ظل طموحه المعهود – يلمح إلى وجود أزمات غير معلنة، أو على الأقل ضغوط داخلية جعلته يقرر التراجع، رغم تاريخه الطويل مع النادي الأبيض.

أقرأ أيضًا: هل ينجح بايرن ميونخ في خطف جناح ليفربول بديلًا للويس دياز

هل يملك الزمالك خطة واضحة؟

بعد إعلان اعتذار عماد المندوه، بات على إدارة الزمالك التحرك سريعًا لتعيين بديل قادر على مواصلة خطة تطوير الحراس. ورغم وجود مدربين أكفاء في الساحة، إلا أن خبرة المندوه وقربه من منظومة النادي تجعل مهمة التعويض صعبة.

المصادر من داخل النادي تؤكد وجود ترشيحات مطروحة مثل:

  • الكابتن عبدالواحد السيد: أسطورة الزمالك ومدير الكرة الحالي، وقد يعود للجانب الفني مؤقتًا.
  • الكابتن أيمن طاهر: المدرب السابق لحراس الفريق الأول وصاحب تجربة مع منتخبات الناشئين.
  • أسماء شابة من داخل القطاع مثل محمود شوقي وسامي طه الذين تدربوا تحت إشراف المندوه.

لكن التحدي ليس فقط في تعيين مدرب، بل في وجود منظومة مؤسسية تضمن الاستمرارية في العمل، وتمنع تكرار الأخطاء التي تدفع الكفاءات للمغادرة. وهذا يتطلب تدخلًا مباشرًا من اللجنة الفنية بقيادة حسين لبيب لوضع هيكل فني واضح المعالم وتوصيف دقيق للمهام.

الجمهور الأبيض بين الصدمة والتساؤل

لم يكن قرار عماد المندوه حدثًا عابرًا لجماهير الزمالك، التي عبّرت على مواقع التواصل الاجتماعي عن استغرابها واستيائها من مغادرة شخصية بهذا الوزن الفني دون توضيحات كافية.

وعلى صفحات “تويتر” و”فيسبوك”، انهالت التعليقات التي اعتبرت أن “رحيل المندوه خسارة فنية كبيرة”، وأن “قطاع الناشئين سيعود إلى نقطة الصفر”. البعض ذهب لأبعد من ذلك، متسائلين: “هل يكون ذلك بداية سلسلة جديدة من التخبط الإداري؟”.

ويأتي هذا وسط أجواء مشحونة بعد موسم باهت للفريق الأول، ورغبة كبيرة من الجمهور في استعادة الهوية الفنية التي ميزت الزمالك خلال العقد الماضي. وغالبًا ما ترتبط هذه الهوية بجيل الكوادر البيضاء مثل عبد الحليم علي، أحمد عبد الحليم، وحلمي طولان، وكذلك عماد المندوه.

المؤكد أن جماهير الزمالك لا تتعلق بالأسماء فقط، بل بالتاريخ والرؤية والانتماء، وهي جميعها صفات ارتبطت بالمندوه، ما يفسر الصدمة التي رافقت إعلان رحيله.

 جدول مقارنة بين عهد عماد المندوه قبل وبعد الاستقالة

المؤشرأثناء وجود عماد المندوهبعد اعتذاره
عدد الحراس تحت التدريب12 حارسًا6 حراس فقط وفق التحديثات الأخيرة
أسلوب التدريبتدريبات فردية + تحليل فيديوتقليدية بدون تحليل رقمي
التنسيق مع الفريق الأولتصعيد مباشر لحراس واعدينغير واضح حتى الآن
نتائج قطاع الناشئين4 بطولات محلية في 3 سنواتلم تتحقق بطولات حتى الآن
استقرار الجهاز الفنيثابت لمدة عامينغير مستقر بعد المندوه

 هل يفتح المندوه الباب أمام إصلاح أوسع؟

في النهاية، لم يكن اعتذار عماد المندوه مجرد قرار شخصي، بل مؤشراً لحالة عامة داخل الزمالك. قرار صامت من رجل صاخب بالأفكار والانتماء، أرسل من خلاله رسالة غير مباشرة لإدارة النادي: الإصلاح الحقيقي يبدأ من الداخل، ويحتاج إلى استقرار ووضوح ودعم مستمر.

الملف لم يُغلق بعد. جماهير الزمالك تنتظر من الإدارة أن تبرهن على قدرتها في تجاوز هذه الخسارة الفنية، وأن تعيد بناء قطاع الناشئين بروح منهجية متطورة تحفظ اسم النادي وتؤسس لجيل جديد من الحراس المميزين.

أما عماد المندوه، فقد خرج بصمت، لكنه سيبقى اسماً مؤثراً في الذاكرة البيضاء، وقد يعود ذات يوم، إن نضجت الظروف، ليكمل ما بدأه بحب واحتراف.

أقرأ أيضاً: مباريات الأهلي الودية 2025 في تونس.. ثلاثية نارية استعدادًا للموسم الجديد

Doaa Alhdad

دعاء الحداد محررة رياضية في موقع yallashootguide.com، متخصصة في تحليل مباريات كرة القدم المحلية والدولية بأسلوب مهني وموضوعي. تتمتع بخبرة واسعة في الصحافة الرياضية، حيث عملت سابقًا مع مواقع إخبارية وإعلامية مرموقة مثل عرب نيوز، الخليج لايف، يلا جون، وأخبار العرب. تُعرف بتحليلاتها العميقة ومتابعتها الدقيقة لتفاصيل المباريات وتكتيكات الفرق، وتسعى دائمًا لتقديم محتوى رياضي ثري ومفيد يعكس احترافية إعلامية واضحة.

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!