من هم أولئك اللاعبين الذين لا يملكون فقط المهارة، بل يمتلكون الكاريزما والسيطرة والتأثير؟ إن كنت تبحث عن لاعب وسط شامل يجمع بين القوة البدنية والفكر التكتيكي والتمرير الذكي، فإن سيرجي ميلينكوفيتش سافيتش (Sergej Milinković-Savić) سيكون الاسم الأول الذي يراودك. هذه القوة الصربية التي بدأت بهدوء في شرق أوروبا، صنعت مسيرة لافتة في قلب الكالتشيو الإيطالي وأبهرت العالم بجودتها واتزانها في الأداء. لكن، ما هي أسرار تألق هذا اللاعب؟ وما الدور الذي لعبه في تطور فريقه لاتسيو؟ والأهم من ذلك، كيف استطاع الحفاظ على مستواه رغم العروض المغرية والانضمام للمنتخب الصربي في أصعب الظروف؟ دعونا نستكشف المسيرة التي صنعت من ميلينكوفيتش أسطورة حقيقية في عالم الكرة.
رحلة ميلينكوفيتش سافيتش من صربيا إلى إيطاليا
من الطفل الهادئ إلى محور الوسط في أحد أقوى الدوريات
بدأ سيرجي ميلينكوفيتش سافيتش مسيرته في كرة القدم في نادي فوجفودينا الصربي، حيث نشأ في بيئة رياضية بامتياز. والده كان لاعب كرة قدم محترف، ووالدته لاعبة كرة سلة، مما منح الشاب طاقةً مزدوجة وطموحًا لا يهدأ. عام 2013، تم تصعيده للفريق الأول وشارك في الدوري الصربي الممتاز، ليُظهر من أول لحظة شخصية القائد وتمريرات اللاعب المحترف.
عام 2014، خطا سيرجي خطوته الأولى نحو الاحتراف الأوروبي بالانتقال إلى نادي جينك البلجيكي. هناك، لم يحتج وقتًا طويلًا ليثبت نفسه. سجل أهدافًا وصنع أخرى، وبدا جليًا أن مستقبله سيكون في دوري أكبر. هذا ما تحقق في 2015، حين انتقل إلى لاتسيو الإيطالي في صفقة قُدّرت بنحو 10 ملايين يورو.
في لاتسيو، انفجرت موهبة سيرجي بالكامل. لم يكن مجرد لاعب وسط تقليدي، بل كان صانع ألعاب، هدّاف، ومحور بناء الهجمات. بمرور السنوات، أصبح حجر الأساس في خط وسط لاتسيو، وأحد أكثر اللاعبين تأثيرًا في الدوري الإيطالي.
ساهم ميلينكوفيتش في إحراز عدد من البطولات مثل كأس إيطاليا 2019، وظهر دائمًا في مباريات القمة بثبات كبير. كما حاز على إعجاب كبار المدربين والمحللين، ما جعله هدفًا دائمًا لأندية أوروبا مثل مانشستر يونايتد وباريس سان جيرمان، لكن ولاءه للاتسيو طال كثيرًا.
أبرز مهارات ميلينكوفيتش سافيتش التي صنعت منه أسطورة
يمتاز سيرجي ميلينكوفيتش سافيتش بتركيبة نادرة من المهارات التي يصعب أن تجتمع في لاعب وسط واحد. أولاً، يملك بنية جسدية قوية جدًا (190 سم) تجعله قادرًا على الفوز في الالتحامات الهوائية ومباريات القوة البدنية، ما يجعله فعالًا في الكرات الثابتة والتمركز الدفاعي والهجومي.
ثانيًا، لديه دقة تمرير عالية سواء في المسافات القصيرة أو التمريرات الطولية، مما يتيح له لعب دور صانع الألعاب الخفي الذي يفتح المساحات ويصنع الفرص لزملائه في لحظات الحسم.
ثالثًا، يعرف متى يتقدم للهجوم ومتى يظل في الخلف ليؤمّن الدفاع. هذه القدرة التكتيكية تُحسب له بشكل كبير، خاصةً في نظام اللعب الإيطالي المعروف بصعوبته. كما يتمتع بقدرة تهديفية ممتازة بالنسبة للاعب وسط، وقد سجل في مواسم متعددة أكثر من 10 أهداف.
ولا يمكن أن نغفل الجانب القيادي في شخصيته، فقد كان دومًا من اللاعبين الذين يتقدمون في المواقف الصعبة، ويتحملون مسؤولية الفريق، وهو ما أكسبه احترام زملائه ومدربيه على حد سواء.
جوائز ميلينكوفيتش سافيتش عبر مسيرته الاحترافية
خلال مشواره الحافل في الملاعب الأوروبية، استطاع سيرجي ميلينكوفيتش سافيتش أن يحصد عددًا من الجوائز الفردية التي تعكس مستوى التأثير الذي يقدمه داخل المستطيل الأخضر. فرغم المنافسة الشرسة التي تفرضها طبيعة الكالتشيو الإيطالي، نجح النجم الصربي في فرض اسمه ضمن قائمة أفضل لاعبي الوسط في الدوري.
في عام 2019، نال جائزة أفضل لاعب وسط في الدوري الإيطالي بعد أدائه المذهل مع لاتسيو، حيث تفوّق على أسماء لامعة في مركزه مثل ميراليم بيانيتش ومارسيلو بروزوفيتش. وكانت هذه الجائزة بمثابة تتويج لسنوات من العطاء المنتظم والفعّال مع فريقه.
كما تم اختياره في أكثر من مناسبة ضمن التشكيلة المثالية للدوري الإيطالي، وفي تصنيفات “WhoScored” و”UEFA” الخاصة بأفضل لاعبي الموسم. وخلال مشاركاته مع منتخب صربيا، برز بشكل لافت في كأس العالم 2022، وكان أحد أبرز اللاعبين الذين اعتمد عليهم المدرب ستويكوفيتش.
بالإضافة إلى ذلك، نال جائزة لاعب الشهر عدة مرات في الدوري، وأشاد به العديد من أساطير اللعبة من بينهم بافل نيدفيد وأندريا بيرلو، الذين اعتبروا سيرجي من أكثر اللاعبين اكتمالًا في خط الوسط الأوروبي.
جوائزه لا تعبر فقط عن الأرقام، بل عن الروح القتالية والعقلية التي يتمتع بها، فهو لاعب يتمتع بمزيج نادر من الذكاء والتفاني والتأثير المباشر في المباريات الحاسمة.
بطولات ميلينكوفيتش سافيتش مع لاتسيو ومنتخب صربيا
رغم أن فريق لاتسيو لم يكن دومًا من المرشحين للبطولات الكبرى، فإن ميلينكوفيتش سافيتش لعب دورًا محوريًا في إعادته إلى منصات التتويج. كانت أولى بطولاته مع النادي الفوز بكأس إيطاليا موسم 2018-2019 بعد التغلب على أتلانتا في المباراة النهائية. في تلك البطولة، تألق ميلينكوفيتش كعادته، وسجل هدفًا حاسمًا في نصف النهائي.
كما تُوّج بلقب كأس السوبر الإيطالي مرتين، أولاهما في 2017 على حساب يوفنتوس، والثانية في 2019، ليؤكد أن لاتسيو يملك جيلاً قادرًا على مقارعة الكبار، بقيادة نجم الوسط الصربي.
أما على الصعيد الدولي، فقد كان ميلينكوفيتش سافيتش من أبرز لاعبي منتخب صربيا في بطولة كأس العالم 2022، حيث خاض مباريات قوية أمام فرق عريقة، وأظهر روحًا عالية وقتالية ملفتة.
ساهم أيضًا في تأهل صربيا إلى نهائيات كأس أوروبا، وكان حاسمًا في مباريات التصفيات، خصوصًا بأهدافه من الكرات الثابتة وتمريراته الدقيقة. لم تُتوّج صربيا بأي لقب كبير بعد، لكن دوره في الفريق الوطني لا يقل تأثيرًا عن أدائه في لاتسيو.
زوجة ميلينكوفيتش سافيتش ودورها في استقراره العاطفي والمهني
الحياة الشخصية لأي لاعب كرة قدم محترف تلعب دورًا كبيرًا في استقراره الذهني والمهني، وسيرجي ميلينكوفيتش سافيتش ليس استثناءً. زوجته ناتاليا إيلكيتش، وهي عارضة أزياء صربية سابقة، كانت إلى جانبه منذ بداية مشواره الاحترافي، وشاركت معه تفاصيل كثيرة في مسيرته داخل وخارج إيطاليا.
تُعرف ناتاليا بدعمها الكبير لسيرجي في كل المناسبات، وتظهر معه في المباريات الكبرى، وخاصة خلال تتويجاته في الكؤوس المحلية. وهي شخصية هادئة ومؤثرة في حياته، تسعى لتوفير أجواء عائلية متوازنة له رغم ضغوطات عالم الاحتراف.
أنجب الثنائي طفلًا واحدًا، وقد عبّر ميلينكوفيتش في أكثر من مقابلة عن تأثير عائلته عليه، وقال إن زوجته هي الملاذ الآمن والداعم الأول له في لحظات الانتصار والانكسار.
ناتاليا أيضًا تسانده في القضايا الاجتماعية، وقد ظهرا معًا في مبادرات خيرية عديدة داخل إيطاليا وصربيا، مما عزز من مكانته الجماهيرية والإنسانية، وأثبت أن ميلينكوفيتش ليس مجرد رياضي بارز، بل أيضًا شخصية ناضجة ومسؤولة في حياته الخاصة.
الأسئلة الشائعة حول سيرجي ميلينكوفيتش سافيتش
كل ما تريد معرفته عن مسيرته وتفاصيل انتقاله
ما هي أبرز مهارات سيرجي ميلينكوفيتش سافيتش؟
يمتاز بتنوعه الفني والبدني؛ يجمع بين دقة التمرير، القوة البدنية، الرؤية الثاقبة في وسط الميدان، والتسديد القوي. يلعب دورًا محوريًا في الدفاع والهجوم، ويتميز بقراراته الذكية تحت الضغط.
ما هي قصة انتقاله إلى لاتسيو؟
بعد تألقه في نادي جينك البلجيكي، تلقى عدة عروض أوروبية، لكن لاتسيو كان الأكثر جدية. في صيف 2015، انتقل في صفقة تجاوزت 10 ملايين يورو، ليبدأ مسيرة تألق في الكالتشيو استمرت لسنوات.
اقرأ ايضاً: مايك مانيان (Mike Maignan): الحارس الفرنسي – تألقه في حماية عرين ميلان